إلّا شذرا منهم قليلا وأكثرهم كافرون.
فهؤلاء المشركون الناكرون لوحي القرآن دونما اية حجة إلا لجة غامرة من الهوى ، غير عامرة بالهدى ، ثم أولاء أهل الكتاب وكأنهم لم يؤتوا الكتاب ، واما :
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) ٥٢.
أترى ضميري الغائب في «قبله ـ به» راجعان ـ فقط ـ إلى القرآن ، لأنه هنا كان محلّ النقض والإبرام كما (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ ..)؟ والحق في (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) هو الرسول الحق برسالة حقة في القرآن : (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ) هذا الحق الرسالي (مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى ..)! أم هما راجعان إلى رسول القرآن؟ و (إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) لا تعني إلّا القرآن! الوجهان هما المعنيان ، والرسول يتلى عليهم كما القرآن ، بل وهو ايضا قرآن : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) ، وحتى إذا لا تناسبه ان يتلى ، فهذه قرينة انه القرآن ، وتلك (.. الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) إنه نبي القرآن ، فهما ـ إذا ـ معنيّان ، فهما واحد مع أنهما اثنان.
ف (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ) رسولا وقرآنا «هم به» قرآنا ورسولا «يؤمنون» وطبعا ليسوا هؤلاء كل الذين أوتوا الكتاب ، بل هم (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٢ : ١٢١)(١) ، اجل أولئك الأكارم يؤمنون به
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٣١ ـ اخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي رفاعة قال : خرج عشرة رهط من أهل الكتاب منهم ابو رفاعة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فآمنوا فأوذوا فنزلت (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) وفيه اخرج عبد بن حميد وابن ـ