يوفق الله عبدا إلّا ان يريد هو الهدى فاهتدى بما تحرّى ووفقه الله (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٤٧ : ١٧).
وقد يروى عن رسول الهدى قوله في واقع الضلالة والهدى : «بعثت داعيا ومبلغا وليس إلي من الهدى شيء وخلق إبليس مزينا وليس اليه من الضلالة شيء» (١) ، وهو (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا يعني من السلب إلّا التدليل في الهداية أو التضليل ، ولا من الإيجاب إلّا واقعهما في حقل التخيير وليس التسيير.
فليس الرسول هاديا إلّا في حقل الدلالة الرسالية : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٢ : ٥٣) ثم الهدى الواقعية توفيقا لها فوصولا إليها هي من الله لا سواه ، فالثابتة له هي هداية البيان ، والمسلوبة عنه هي هداية التوفيق.
هذه هي الوجهة العامة للآية واضرابها ، واما الخاصة ، المتناحرة فيها
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٣٤ ـ اخرج العقيلي وابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) : ... وفي نور الثقلين ٤ : ١٣٤ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال قال أبو عبد الله (عليه السلام): اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فأما ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب أن الله عز وجل قال لنبيه (صلّى الله عليه وآله وسلم): (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقال (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) ولا سواء واني سمعت أبي (عليه السلام) يقول : إذا كتب الله على عبدان يدخله في الأمر كان اسرع إليه من الطير إلى وكره ، وفي كتاب التوحيد مثله سواء.