الْمُخْلَصِينَ) (٣٧ : ١٢٨) في احتمال اتصال الاستثناء تعميما لضمير الجمع كافة العباد ، صحيح ان من الممتعين متاع الحياة الدنيا من يتذرّعها للحياة الأخرى ، إلّا ان التقابل بينهم ـ هنا ـ وبين «من متعناه متاعا حسنا» يختص هؤلاء الممتّعين بمن (رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) فحتى إذا لم تخلف حياة المتاع عذابا في الأخرى ، فقد يكفي أنها محرمة لها ، وهل من عاقل يرجح هذه الفانية الهزيلة الرذيلة على تلك الباقية الفضيلة؟! فضلا عن انها تخلف العذاب الدائب فيها ، ذلك! وإلى سائر المفاصلات بين الفريقين في النشأتين ، ذكرى لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد! :
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ٦٢.
وهؤلاء الشركاء المزعومون هم بين خيّرين كالملائكة والنبيين ، والشريرين كفرعون ونمرود وسائر الطاغين ، ثم عوان بينهما ككلّ الأصنام والأوثان إذ لا عقل لها حتى تكون لها خيرة خيّرة أم شرّيرة ، فالأولون ناكرون أنهم شركاء ، هناك كما هنا ، والأوسطون ينكرون حق الشركة ، معترفون بباطلها فهناك يستسلمون ، والآخرون لا عقل لهم فيصدقوا وينكروا ، والثلاثة شركاء في نكران شركهم مع الله إذ تزول الحجب فتظهر الحقائق : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) (١٠ : ٢٨).
(قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) ٦٣.
(الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) هنا هم الشركاء الطغاة بين داعية إلى نفسها ، أم إلى أصنامها ، دون الأولين الأكارم ، فهؤلاء هم حصب جهنم وأولاء من السابقة لهم الحسنى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ. لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ ..