وسلم) (١).
(وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ٦٨.
ذلك هو الجواب القاطع القاصع الأخير عن عاذرتهم ان لا مؤثر في الوجود إلّا الله ، فلا طاقة مستقلة تتخطفكم عن أرضكم ، مستغلة ذلك دون أن يشاء الله ، فان له الخلق والأمر دونما جبر ولا تفويض.
فعلى العبد أن يقدّم في الله ما في طوقه ووسعه ، ولله الخيرة في أمره أن يفعل ما يشاء كما يشاء ، دون اتكالية بلا سعي ولا عمل ، ولا استقلالية لهم فيما يشاءون ، بل «أمر بين أمرين» أن يسعى ويتوكل على الله فيما يسعاه.
فلا إلغاء هنا للعقول والإرادات والنشاطات ، ولا تفويض لها في الحصول على كل المرادات ، بل عليهم ان يتقبلوا ما يقع ويرضوا بما وقع بعد ما بذلوا ـ دون تبذّل ـ ما في وسعهم من التفكير والإختيار والتدبير ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ف «وربك» الذي خلقك واختارك ورباك (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) لا ما يشاءون «ويختار» فيما يخلق أو يشرع دونما إجبار له فيما يخلق ويختار ما يشاء لا كما يشاءون (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) لا في خلق ولا اختيار (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) به في خلق أو اختيار.
إن «يخلق» هنا تعم كل خلق للمادة الأولية أماهيه من خلق ، لا شريك له في أيّ كان منه وأيان من اي كان ، وكذلك «يختار» في حقلي
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٣٥ ـ اخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «ما من احد الا سيخلو الله به كما يخلو أحدهم بالقمر ليلة البدر فيقول يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين».