ويكدّرها ، على فرض إمكانية الحياة إن جعل الليل سرمدا ، (أَفَلا تَسْمَعُونَ) إلى هذه الذكريات التي توقظكم من همود الإلف والعادة في تتابع الليل والنهار؟.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ٧٢.
فالليل سكن والنهار فيه ابتغاء فضل من الله وإبصار (أَفَلا تُبْصِرُونَ) إلى ضوء النهار الذي هو فضل وإبصار كيف يصبح عذابا إن كان سرمدا ، فكلا الليل والنهار رحمة متعادلة معتدلة :
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ٧٣.
فلكلّ من الليل والنهار خاصة رحمته ، من سكن الليل وإبصار النهار : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (١٠ : ٦٧).
فأصل السكن وضابطته هو في الليل ، كما أصل الإبصار والابتغاء من فضل الله ضابطة في النهار ، مهما تبادلا فيهما أحيانا لضرورة معاكسة : (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (٣٠ : ٢٣).
وآيتنا هنا عوان بين الآيتين ، فاللف والنشر المرتب بين (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) وبين (لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) ينحو نحو الأولى ، وعدم ذكر كلّ بعد كلّ يلمح إلى الأول ، والأولى أولى لأولوية الترتيب ، والثانية هامشية إذا اقتضت الحال (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) في الترتيب الأصل ، وفي المعاكسة الفرع ، فإنهما على اختلافها نعمة ورحمة ، قبال الرحمة والنقمة في سرمد الليل أو النهار.