الْمُجْرِمُونَ) ٧٨.
ذلك الجواب ـ في زعمه ـ يستأصل كل تأنيب في هذه التساؤلات المتبنّية (آتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ) ب (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) فلم يؤته الله اياي ـ لو آتاه ـ دون علم وجدارة ، وقد تلمح «أوتيته» دون (آتاهُ اللهُ ..) أنه أوتي إياه على علم منه دون مشية من الله ، فالأوّل إشراك بالله في ذلك الإيتاء ، والثاني إلحاد فيه بتوحيد العلم في ذلك الإيتاء! أن ليس لله أي مدخل فيه حتى إذا لم يكن على علم عندي ، صدفة فيه ام تقصدا ممن سوى الله. وهذان مزعمتان للأكثرية الساحقة ممن أوتوا مالا أو منالا ، موحدين أو مشركين أو ملحدين ، مهما استثني الأوّلون عن الإلحاد في الإيتاء : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ. فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ. أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣٩ : ٥٢).
وتلك القولة الفاتكة من قارون هي قولة المغرور المطموس الناسي مصدر النعمة وصادرها حيث تعميه الثراء ، قالة خاوية مكرورة على مرّ الزمن للأكثرية المطلقة ممن أوتيها مهما اختلفت دركاتها فيما تعنيه.
وتراه ماذا عني بقالته القالة : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) مع العلم انه يحصر إيتاءه به مهما كان الإيتاء من الله أم سواه؟
أهو علم التوراة؟ وقد أوتي موسى وسائر المرسلين اكثر منه يوحي صارم لا دخيل فيه ، ولم يؤتوا كنوزا كما أوتي! وكان ذلك يكفيه نقضا لما ادعاه ، دون النقض بإهلاك قرون قبله!.
أم علم جمع المال؟ ولا يختص به علمه! فكثير هؤلاء الذين يعلمون