هو الجهل القاحل : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣٠ : ٧) ـ (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) (٥٣ : ٣٠).
و «يا ليت» التحسر لهؤلاء المجاهيل يحلّق على حياتهم غصة على غصة العدم ، متجاهلين عن أسباب الثراء ومسئولياتها وخلفياتها ، فأما الآخرون :
(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) ٨٠.
«العلم» هنا هو الناصح صاحبه وذويه ، فهو علم الإيمان والمعرفة الربانية ، إيمانا صالحا بالتوحيد والوحي واليوم الآخر ، دون مجرد الصلاحات الجامدة التي تحجب عن ذلك العلم بدل ان تكون نورا ، فهو ـ إذا ـ العلم الذي يخشع صاحبه أمام ربه دون إلهاء ، ف (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٣٥ : ٢٨).
وقضية ذلك العلم النور أن ينير الدرب على المظلمين ، دون كتمان عنهم ولا ضنّة ، وهنا (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أدوا واجب النصيحة البالغة لهؤلاء المجاهيل «ويلكم» وهي إما تركيبة عن «وي ـ لكم» أم مخففة عن «ويل ـ لكم» وهما متقابلتا المعنى ، هتافا عليهم بتأويه من قولتهم الجاهلة (ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ) وما أوتي قارون شر ، فلا تعني «خير» هنا المعدّاة ب «من» تفضيلا ، إذ لا فضل فيما أوتى حتى يفضّل عليه ثواب الله.
ومن ذا الذي يناله ذلك الثواب؟ (لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) والثواب الناتج عنهما يعم النشأتين ، فإن منه النصرة الربانية : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) كما منه اللذات الروحية من عبادة الله وزلفاه ، ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله