وقد ينسب الله إزلافهم إلى نفسه المقدسة لأنه هو الذي كادهم بما جعل في البحر طريقا يبسا فطمع فرعون وجنوده لاجتيازه ، ثم رجّعه إلى حالته الأولى فغرقوا أجمعين ، فهم لم يكونوا يقدمون على غرقهم بذات أيديهم دون ريب ، لو لا هذه المكيدة الربانية.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٦٨).
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي حصل في تلكم المباريات من آيات «لآية» وعلامة قاطعة قاصعة لمن يحنّ إلى ايمان «و» لكن (ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) و «هم» هنا قدر اليقين هم فرعون وملؤه ، ومعهم بنو إسرائيل ، فقد آمن من الأولين السحرة وقليل سواهم ، كما آمن من الآخرين قليل ، وقد يبرهن لهذه القلة الزهيدة الثانية (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (١٠ : ١٣٨).
ثم وفي واجهة عامة عدم الايمان من الأكثرية الساحقة أو المطلقة كان ضابطة في الطول التاريخي والعرض الجغرافي ، اللهم إلّا زمن الدولة الحقة العالمية للقائم المظفر المهدي (عليه السلام) ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) لا يغلب مهما تغلّب الكافرون وتقلبوا في البلاد «الرحيم» بعباده المؤمنين كواقع ، وبكل عباده في حقل الدعوة الجماهيرية (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ).
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها