ولماذا (يَوْمَ الدِّينِ) وظرف الغفر الصالح هو يوم الدنيا؟ علّه لأن الغفر يوم الدين هو المهم في غفر الخطايا ، والبرزخ ليس محل الغفر ، والغفر يوم الدنيا قد تلحقه خطيئة اخرى ، ولكن الغفر يوم الدين هو الكاسح الماسح غبار الخطيئة بأسرها.
هنا يسأل الخليل بجدارة ربّه الجليل زادا لراحلة الدعوة الرسالية ، عاجلا وآجلا إذ نجح في ذلك الاختيار :
(رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (٨٣).
وذلك حكم رسالي خاص يطلبه بعد الرحمة العامة ، فهناك (رَبَّ الْعالَمِينَ) في مواصفات تدرّ رحماتها على العالمين ، وهنا «رب» نظرا إلى الربوبية الخاصة لأصحاب الحكم من الله ، فيستوهب ـ إذا ـ «حكما» ما لم يكن له لحدّ الآن ، وليتزود به في دعوته الصارمة أمام الدعايات الضالة العارمة.
وقد يجمع الحكم المستوهب هنا تحكيم الأحكام الفطرية والعقلية والعملية ، إلى الحكم والحكمة الرسالية ، حيث الحكم أعم من الرسالة ، وإطلاقه هنا يعمها وسواها من حكم يستحكم عرى الدعوة الإبراهيمية الشاملة ، ولحد الإمامة بين المرسلين نسبيا.
وقد يعني (أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) اضافة إلى يوم الدين ، لحوقه بهم يوم الدنيا ، ان يكون من زمرتهم وهم الرعيل الأعلى من المقربين ، نوح وموسى والمسيح وخاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد يعني من (هَبْ لِي حُكْماً) كمال القوة النظرية المستكملة بقوة الوحي ، ومن (أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) كمال القوة العملية وكما بالنسبة لمن جعلهم الله أئمة وهو منهم (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ