غافر إلا إياه حيث المعصي والمطاع ـ كإله ـ ليس إلّا إياه.
وقد جمع ذلك التعريف العريف برب العالمين إلى ربوبيته المادية الربوبية الروحية ، وإلى الهدى المادية الهدى المعنوية ، وإلى ربوبية العاجل ربوبيته في الآجل ، جمعا بين المبدء والمعاد وما بين المبدء والمعاد ، وذلك هو (رَبَّ الْعالَمِينَ) ليوم الدنيا ويوم الدين ، أما أنتم ف (نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) دون ان تحمل أيا من هذه المواصفات الثمان التي هي لزام الربوبية والمعبودية! فأنى تؤفكون؟ أإفكا آلهة دون الله تريدون؟.
ولماذا بالنسبة لغفر الخطيئة «أطمع» دون قطع رغم وعده تعالى للمؤمنين ، دون سائر ما ذكر من قبل؟ لأنها كلها مقطوعة غير ممنوعة حسب سنة التكوين ، ولكن الغفر يوم الدين ليس سنة قاطعة ف (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٤ : ٤٨). وهل ان ابراهيم كان مخطئا وهو نبي حتى يطمع غفره يوم الدين؟.
إنه يقوله قبل حكمه الرسالي الذي يتطلب العصمة المطلقة (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً) فلعل له خطيئة قبل عصمة الرسالة! أم إنه تطامن وتذلل أمام الرب قصورا عما يناسب ساحته تعالى ، وعلّ منه طلب الغفر لأبيه وهو قبل حكمه الرسالي.
ثم هذا لسان حال المقربين وقالهم تذليلا لساحتهم وتبجيلا لساحة رب العالمين ف «حسنات الأبرار سيئات المقربين» ثم وتعليما للمخطئين كيف يجب عليهم ان يستغفروا الله.
وما هو دور «لي» في (يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي)؟ علّه سلب لوسيط الشافع فانه غفر للشافع كوسيط ، وكذلك سلب لانتفاعه تعالى بغفره ، وانما «لي».