فلأن «القلوب أئمة العقول والعقول أئمة الأفكار والأفكار أئمة الحواس والحواس أئمة الأعضاء» فصاحب القلب المدعي سلامته ، غير الصالح في اعماله ، كاذب في دعواه ، وقلبه مقلوب عن الهدى ، مغلوب بطوع الهوى ، وليس الايمان ـ وهو حالة القلب ـ إلّا قرينا بصالح العمل ، وكما نرى قرنه لزاما في كلّ القرآن.
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ٩٠ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ) ٩١.
(يَوْمَ يُبْعَثُونَ ..) وأزلفت الجنة وقرّبت للمتقين ، الذين كانوا من عذاب ربهم مشفقين ، (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) حيث كانت كامنة في الغاوين ، فتبرز بما برز وليوم الدين ، واما الجنة فهي قضية فضل الله ، مخلوقة بأرضها قبل يوم الدين ، ولكن الجحيم تصلى بما يردها أهلوها من الغاوين ، فلذلك الجنة تزلف والجحيم تبرز : (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ. وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) (٨١ : ١٣) ـ (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) (٥٠ : ٣١) فهنا إزلاف التقريب لغير بعيد ، وهنالك تبريز التسعير حيث يحشر كلّ بعيد.
(وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ٩٢ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ) ٩٣.
و «لقد (ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (١٠ : ٣٠) ـ (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) (٤١ : ٤٨).
وذلك سئوال التقريع والتأنيب بما كانوا يعبدون ، وظلوا عليها عاكفين ، وهم ضلوا عنهم وقت الحاجة الحارقة ، ف (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) هناك؟ (أَوْ يَنْتَصِرُونَ) لأنفسهم حين يعذبون؟ لقد ضل عنهم كيانهم كآلهة ، وحين يبرز لهم كونهم فهم معهم معذبون ، اللهم إلّا الصالحون من الملائكة والنبيين (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ)