مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ١١٨.
عرض لحال معلومة عند الله ، ولكنها موقف الدعاء تعرض فيه كل حالة بقالة متواضعة ، ولأن تكذيب الرسالة راجع إلى تكذيب المرسل فنوح هنا في ذلك العرض يتطلب إلى ربه ان يعالج موقفه الرسالي بفتح منه ونجاة له ولمن معه من المؤمنين ، مما يلمح أنهم هدّدوا بالرجم كما هو ، وقد يشير إليه (مِنَ الْمَرْجُومِينَ) ممن رجم أو يحكم له بالرجم. «فافتح ..» احكم بيني وبينهم حكما قاطعا وأمرا فاصلا ، يفتح الباب المبهم بعد ما استصعب رتاجه ، وأعضل علاجه ، ويقال للحاكم : الفتّاح ، لأنه يفتح وجه الأمر بعد اشتباهه واستبهام أبوابه (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) يفتح بعلم ويغلق ما انغلق ويفتق ما ارتتق.
وهذا الفتح هو بطبيعة الحال واقعه المميّز بين الفريقين وفيه نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين دونما اقتراح لنوعية الفتح استسلاما لأمر ربه ، فليس فتحا في حكمه شرعة لأنه كان واقعا منذ الدعوة ، بل ومنذ بزغت شرعة في هذه البسيطة.
وقد فتح الله بينه وبينهم بعد ردح بعيد من الزمن ، حيث الدعوة كانت ألف سنة إلّا خمسين عاما :
(فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ١١٩ ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) ١٢٠.
ولقد كان فلكه مشحونا بشحنات الحيوان من مختلف أجناسها ، ومن الذين آمنوا معه و «المجهز الذي قد فرغ منه ولم يبق إلا دفعه» (١).
__________________
(١) في كتاب كمال الدين وروضة الكافي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في «الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ».