وتظاهرا وتفاخرا في ذلك التكاثر حيث تبدوا هذه القصور من بعد كأنها علامات ، تعلم بها مكانة أصحابها تطاولا ومقدرة ومهارة.
فآية العبث بنيانا إمّا ذا هي آية الرعونة والترف واللّامبالات في الحياة ، وكأنهم خلقوا عبثا ليعيشوا عابثين.
فالعبث في أية ظاهرة من مظاهر الحياة هو آية التجاهل عن واقع الحياة ومسيرها ومصيرها ، والتغافل عن مسئولياتها تجاه الله وخلقه.
وكيف يسمح الثري لنفسه ان يعبث بالبنيان والملابس والمآكل والمناكح ، على عيون العزّل من ضروريات الحياة من البائسين المعدمين؟!
(وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) ١٢٩.
المصنع من الصنع وهو إجادة الفعل ، فالمصانع هي المكانات الجيدة الحصينة حفاظا عن أية إصابة أرضية أو سماوية ، من قصور حجرية أمّاهيه ، كالمنحوتة في الجبال وكأنها تخلدهم في الحياة أكثر من آجالهم المقدرة لهم.
ذلك ، وإما اتخاذ المصانع لدفع كيد العدو ، أو السارق أمّاذا من مصالح حيوية عاقلة فليس بذلك الممنوع ، بل مسموح ممنوح.
(وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) ١٣٠.
فالبطشة الجبارة هي الظالمة المستكبرة ، وأما المدافعة اعتداء بالمثل فهي الحق العدل لكل مهاجم عليه في أي ناموس من نواميسه الخمس أم نواميس الآخرين المحترمين ، ولكنهم غلاظ متجبرون دونما تحرّج في بطشتهم ، هجوما بدائيا أو دفاعيا.
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) ١٣١.
تقوى عن كل مظاهر الطغوى ومعالمها ، وطاعة لرسول الهدى فيما