فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ)(١٦).
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) هؤلاء الحماقى الطغاة السرسريين (رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ)(١) وكما السرسر هي بالغة الشر ، كذلك الصرصر هي بالغة الصر والقرّ ، والأيام النحسات هي سبع ليال وثمانية أيام حسوما مجتثة جذورهم (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٦٩ : ٨) .. أترى أن هناك أياما بين الأيام هي بنفسها نحسات وهي من قالة المنجمين؟ كلا! حيث النحوسة والسعادة في زمان او في مكان هما الناتجتان عما يحصل فيهما ، دون ذاتية لايّ منهما في نحوسة أم سعادة ، وهما ترجعان إلى عملية الإنسان ونويّته النحسة او السعيدة ، دونما قضاء فيهما وقدر لهما لا تمتّ بصلة لما يعمله الإنسان.
ذلك (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، وصرصرهم في الآخرة أخزى وأنكى (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) خزيا زائدا على الأولى في بعدية ، فإذا هم يظنون نصرة في الأولى ف (الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) بل ويخذلون ويرذلون! ألا «واتعظوا فيها بالذين قالوا (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا ، وأنزلوا فلا يدعون ضيفانا ، وجعل لهم من الصفيح أجنان ، ومن التراب أكفان ، ومن الرفات جيران» (٢).
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(١٧).
__________________
(١) راجع الفرقان ٣٩ : ٨٦ ، و ٣٧ : ٤٨٩ تجد تفصيلا زائدا لعذاب الصرصر في آيتي الحاقة والقمر وقد ذكرت عاد في القرآن ـ وهم عاد الاولى ـ ٣٤ مرة وثمود ٢٦ مرة ولم يذكر قوم طغاة كما ذكرا فإنهم اظلم واطغى.
(٢) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام).