ومكان ، فلا يعتريه هو زمان ولا مكان ، فقد كان إذ لا «كان» ، لا زمان ولا مكان ، ثم خلق الزمان والمكان ، وخلق فيهما كلّ «كان».
هذا ، ولكنما الأولية الأزلية لزامها أوليّات الالوهية كلها ، فالأزل خارج عن كل زمان ومكان ، مهما كان معه ـ لخلقه ـ زمان ومكان.
إن الزمان مهما كان وأيا كان ، هو محدود لا محالة لتصرّمه ، وإن أجزاءه محدودة ، ومجموعة المحدودات محدودة لا محالة ، فله أول وهو حين خلق ، وآخر حين ينقضي.
وأما الأزلي الذات ، وغنيّها عن كافة الذوات ، المفتقرة اليه الذوات ، المبتدأة المبتدعة في الذوات وفي الصفات ، هذا الأزلي ليس له حدّ ولا أية حالات ، إنما أزلي لا أولي ، أول ليس له أول ، وآخر ليس له آخر :
«والآخر» آخر كما هو أول ، فالأول أزل والآخر أبد والجمع سرمد : «آخر لا عن نهاية .. ولكن قديم أول وقديم آخر ، لم يزل ولا يزول بلا مدى ولا نهاية ، ولا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال الى حال ..» (١).
«إنه ليس شيء إلا يبدأ ويتغير أو يدخله التغير والزوال ، وينتقل من لون الى لون ، ومن هيئة الى هيئة ، ومن صفة الى صفة ، ومن زيادة الى نقصان ، ومن نقصان الى زيادة إلا رب العالمين ، فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة ، هو الأول قبل كل شيء ، وهو الآخر على ما لم يزل ، ولا تختلف عليه الصفات والأسماء كما تختلف على غيره ، مثل الإنسان الذي يكون ترابا مرة ، ومرة لحما ودما ، ومرة رفاتا ورميما ، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ، ومرة بسرا ، ومرة
__________________
(١) الكافي عن القمي بإسناده الى أبي عبد الله (ع) وقد سئل عن الأول والآخر فقال : «الأول لا عن أول قبله وعن بدء سبقه ، وآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ، ولكن قديم أول قديم آخر خالق كل شيء».