رطبا ، ومرة تمرا ، فتتبدل عليه الأسماء والصفات ، والله عز وجل بخلاف ذلك» (١).
هذه هي الآخرية اللائقة بجناب عزّه ، أو الآخرية في الخالقية والتقدير أيضا ، فليس بعده خالق كما لا يكون معه أو قبله ، بل هو «قبل القبل بلا قبل ، وبعد البعد بلا بعد ولا غاية ولا منتهى لغايته ، انقطعت الغايات عنده ، فهو منتهى كل غاية» (٢). فقد كان إذ لا ـ كان ـ وسوف يكون إذ لا ـ يكون ـ : كينونة سرمدية فائقة التصور ، ليس لمن سوى الله من إدراكها نصيب ، إلا نفي الكينونات المخلوقة عن جنابه ، وإثبات كينونة سرمدية لا نملك من تصوّرها شيئا ، إلا أنها غير ما نملك من كينونات!.
وآخر بمعنى آخر هو أنه المرجع وإليه المصير ، فهو آخر في الأبد ، وآخر في الخالقية ، وآخر في المصير.
وحصيلة التعبير التفسير عن آية الأول والآخر ، أولا وأخيرا. انه : «قديم أول ، قديم آخر» «قبل القبل بلا قبل ، وبعد البعد بلا بعد» «لم يزل ولا يزول بلا مدى ولا نهاية» «الأول قبل كل أول ، والآخر بعد كل آخر ، بأوليته وجب أن لا يكون له أول ، وبآخريته وجب أن لا يكون له آخر» (٣) ، وهو المبدء وإليه المصير. فهو أول نظرا الى ترتيب الوجودات سلاسل ، فإنها استفادت الوجود من الأول تعالى ، وأما هو فهو كائن بذاته دون مكوّن ،
__________________
(١). الكافي عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل : «هو الأول والآخر» وقلنا : أما الأول فقد عرفناه وأما الآخر فبين لنا تفسيره ، فقال : ...
(٢) خبر الخبر الماضي إذ سأل أمير المؤمنين (ع) متى كان ربك؟ فأجاب : ومتى لم يكن؟
(٣) نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (ع) وفيه «إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود ، وإن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم». وفيه «سبق الأوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله».