(وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) : ظاهر على ما سواه بالقدرة والغلبة والعلم ، وظاهر بوجوده دون كنهه ، في كل ما سواه بالحكمة والصنعة وآثار العلم ، ظهور القدرة والعلم دونما استثناء ، وظهور الآية لمن أراده وابتغاه.
«فليس ظاهرا من أجل أنه على الأشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنّم لذراها ، حتى ولا على عرشه وكرسيه ، ولكن لقهره ولغلبته الأشياء وقدرته عليها ... وإنه الظاهر (لا ظهورا بالذات ، وإنما بالآيات والدلالات) لمن أراده ... فأي ظاهر أظهر وأوضح من الله ، تبارك وتعالى؟ لأنك لا تعدم صفته حيثما توجهت ، وفيك من آثاره ما تغنيك» (١).
و «ما رأيت شيئا إلا وقد رأيت الله قبله وبعده ومعه وفيه» (٢). «قبله» : بالأزلية الأولية والخالقية ، «بعده» بالأبدية الآخرية ، «معه» بالقيّومية ، «وفيه» بآثار الصنع الحكمة ، ومن رزق حديد البصر ودقيق النظر ، فلا يبصر حياته إلا ربه ، وهذا هو توحيد البصر.
«عميت عين لا تراك .. متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدلّ عليك ... يا من دلّ على ذاته بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته ..».
«والباطن» : خفي في الذات رغم أنه ظاهر بالآيات «وكل ظاهر غيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر». وكما لم يكن ظاهرا على شيء ، كذلك ليس باطنا في شيء ، حتى يستبطن فيرى في شيء ، «الظاهر لا برؤية ، والباطن لا بلطافة» : ذرية الجسم ودقته! فهو الظاهر غلبا على من سواه ، وغلبه باطن لا يراه من سواه ، وهو الظاهر بالآيات لمن أراده ، وباطن بالذات ولو عمن أراده ، وهو باطن الذات والصفات والإرادات ، إذ لا ترى بعين البصر ، وهو ظاهر فيها إذ يرى بعين البصيرة ، دون حيطة ولا إدراك ، فباطن ـ أيضا ـ ببصيرة الحيطة والإدراك.
__________________
(١). الكافي عن علي بن محمد مرسلا عن الحسن الرضا (ع) قال : اعلم علمك الله الخير ، ان الله تبارك وتعالى قديم ـ الى قوله ـ : وأما الظاهر ...
(٢). عن الامام الصادق عليه السّلام.