ولا ظاهر من الله إلا آياته ودلالاته ، ثم هو باطن فيما سوى آياته ودلالاته ، وليس باطنا يحل في سواه ، أو لأنه دقيق لا يبصر فإنه «لا يحس ولا يجسّ ولا يمس ولا يدرك بالحواس الخمس».
يا من هو اختفى لفرط نوره |
|
الظاهر الباطن في ظهوره |
وجوده من أظهر الأشياء |
|
وكنهه في غاية الخفاء |
ـ فإنه ظاهر في التعريف ، باطن في التكييف.
فسبحان «الذي بطن من خفيات الأمور وظهر في العقول ، بما يرى في خلقه من علامات التدبير» «الظاهر فلا شيء فوقه ، والباطن فلا شيء دونه» (١) :
لا شيء فوقه في الظهور بمعنييه ، ولا باطن دونه بمعانيه ، فكل باطن لغموضه ورموزه ، لدقته وصغره ، لبعده زمانا أو مكانا ، أو لأي من أسباب البطون ، انه يرجى ظهوره لمن يهيء أسبابه ، إلا الله ، وكل ظاهر قد يخفى على العقول إلا الله ، إذ الكائنات كلها دلالات وآيات بينات دالات على الله ، فهو أظهر من كل شيء ، ولإحاطته على كل شيء ، وأبطن من كل شيء ، ولإحاطته من ورائه وإنه أقرب إلى كلّ شيء من نفسه ، «عميت عين لا تراك .. ألغيرك من الظهور ما ليس لك!
انه ليس من معاني بطونه تغيّبه عن الخلق أو تغيب الخلق عنه ، فإنه بكل شيء عليم وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير :
__________________
(١). بين الأقواس مقتطفات من الخطب التوحيدية لأمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة ، وفي الدر المنثور ٦ : ١٧١ عنه (ص) «أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ، وفيه كان من دعائه (ص): يا كائن قبل أن يكون شيء والكون لكل شيء والكائن بعد ما لا يكون شيء أسألك بلحظة من لحظاتك الوافرات الراجيات المنجيات».