(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) :
فالمسبح له مما في السماوات والأرض ، الملك المالك للسماوات والأرض ، القدير على كل شيء ، الأول والآخر مستغرقا كل شيء ، الظاهر لمريديه في كل شيء ، والظاهر بقدرته على كل شيء ، حقيق أن يكون ظاهرا بعلمه على كل شيء (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
وليس علما به بعد خلقه ، ولا انه أعلم به بعد خلقه ، فقد «أحاط بالأشياء علما قبل كونها ، فلم يزده بكونها علما ، علمه بها قبل أن يكون كعلمه بها بعد تكوينها» (١). فلكل شيء وجود علمي قبل كونه واقعيا «والعلم ذاته ولا معلوم ، فلما أحدث الأشياء وقع العلم منه على المعلوم» (٢).
وكما الله باين عن خلقه في ذاته وصفاته ، كذلك باين في علمه وهو من صفات ذاته ـ ف «علم الله لا يوصف الله منه بأين ، ولا يوصف العلم من الله بكيف ، ولا يفرد العلم من الله ، ولا يباين الله منه ، وليس بين الله وبين علمه حدّ» (٣).
بل وليس هناك بين ، فذاته علم ، كما ان ذاته حياة وقدرة ، صفات ذاتية ثلاث ، تنشعب منها صفات الفعل.
فقد «علم الأشياء لإباداة لا يكون العلم إلا بها ، وليس بينه وبين معلومه علم غيره»(٤). و «كل شيء» في العلم ، أوسع من «كل شيء» في القدرة ، فالشيء
__________________
(١). التوحيد للصدوق خطبته لعلي (ع) وفيها :
(٢) فيه باسناده إلى أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته.
(٣). توحيد الصدوق باسناده إلى عبد الأعلى عن العبد الصالح موسى بن جعفر (ع) :
(٤). فيه في خطبة لعلي (ع) .. ونوافيكم بتفاصيل عن علمه تعالى في طيات آياته ان شاء الله.