(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) :
ترى ما هذا الحجاب ، وما هذا الباب ، وما هو باطن الرحمة وظاهر العذاب؟؟
هل انه حجاب الأعراف؟ : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ...) (٧ : ٤٦) قد يكون ، وليكن حجابا دائبا لا يستطيع أصحاب النار اختراقه يمنة أو يسرة أو من عل ، فليكن سورا دائريا أو مثله ، لا طوليا له جانبان منتهيان ، فإنهما له بابان ، فلا حاجة فيه الى باب ، ولكنه (بِسُورٍ لَهُ بابٌ) فالسور توحي بحجاب يحيط من الجوانب كلها ، فانها الحائط المشتمل ، والباب ـ أيا كان ـ توحي أن لا سبيل الى داخل السور إلا منه ، إذا فهي حائط محيط بأهل الجنة ومحاط بأهل النار ، والباب هذه بابها الى الجنة ، فهي باب الرحمة ، وباطن السور فيه الرحمة : واقعها إذ يعيش أهلها النور ، وبشارتها ، إذ هم يخرجون من بابها الى الجنة ، وظاهر السور (مِنْ قِبَلِهِ) قبل نفس السور (الْعَذابُ) واقعه إذ يعيش أهله الظلمات ، ومستقبلة إذ يستقبلون فيه النار.
فلن يدخل السور ، ولن يقرب الى باب السور ، إلا أهل النور ، وأما المظلمون فهم خارج السور ، وناءون عن باب السور ، فالمؤمنون هم في مربع النور : معهم ، وفي السور ، ومن باب السور ، والى الجنة النور ، والمنافقون ومعهم الكافرون هم محرومون عن النور بما حرموا أنفسهم.
وهذا من الفصل يوم الفصل بين المؤمنين وسواهم ، ثم هناك فصائل اخرى تفصل بينهم تلو بعض ، أو مع بعض حتى يتم الفصل ، حين استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، ثم لا ترائي ولا حوار.