(... بلى) فيما لا يفيد هنا ، و (لا) فيما يفيد : (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ).
لكنكم عشتم مربع الظلمات بدلا عن مربع النور : فتنة الأنفس ، والتربص ، والارتياب والغرور ، وأين مربع الظلمات من مربع النور!.
(فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) : أنفسكم أنتم عن برهاني الفطرة والرسالة ، فخسرتم النور الأول ، والتهيتم عن النور المبين ، و (فتنتم) المؤمنين الذين هم كأنفسكم قضية الايمان لو كان : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) (٨٥ : ١٠) وليتكم ما لبثتم في هذه الفتنة فرجعتم الى نور الفطرة والرسالة ، ولكنكم (وتربصتم) وتلبثتم ماكثين في هذه الفتنة الالتهاء فقست قلوبكم : (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) (٥٧ : ١٦) (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢ : ٨١) (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٣ : ١٤) فالتربص في الفتنة تعمّقها وتزيدها ركسة عن الحق ، تربصتم بأنفسكم في الفتنة وتربصتم بالمؤمنين الدوائر : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٤ : ١٤١) (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٩ : ٩٨) ، كذلك وتربصتم عن التوبة والإنابة الى الله ، ثالوث التربص المنحوس.
ولو أنكم رجعتم عن الفتنة المتربصة بكم وبالمؤمنين ، والمتربصين عن التوبة ، ورجعتم الى الله ، قفزة الى الفطرة قبل انكسافها بالمرة ، لرجع لكم نور العلم فالإيمان ، ولكنكم (وَارْتَبْتُمْ) إذا استأصلت الفطرة عن نورها فأظلمت ، فأوصلتكم الفتنة المتربصة المستقرة الى الريبة ، ريبة في كل حق ناصع ، أو إيمانا