بكل باطل فاجع : (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) فقد كفرتم بالرسالة الإلهية الناصحة الناصعة كفر النفاق والشقاق.
وطالما الخطوة الثالثة الريبة بعد تربص الفتنة زلقة خطرة ، ولكنما الأمل في الرجعة الى الهدى بعد واقع وإن بصعوبة ، ولكنكم (وغرتكم الأماني) :
ثالوث الأماني الفارغة الجوفاء ، من النفس الغريرة ، ومن الشيطان الغرور ، ومن الكفار الغارين ، وساعدتكم في هذا الثالوث المنحوس الدنيا الغرور ، بكل زور وغرور. وكأنها أنزلتكم الى درك الطمأنينة الى الباطل لحد الإيمان به واليقين ، إذ زال عن فطرتكم كل نور ، فلم تبق إلا الظلمات ، حيث الأماني تستحكم عرى الفتنة والارتياب ، ولا سيما أمنية انتكاس أمر الإسلام ، وارتكاس المسلمين ، ف (تجنبوا المنى فإنها تذهب بهجة ما خوّلتم وتستصغرون بها مواهب الله جل وعزّ عندكم ، وتعقبكم الحسرات فيما وهمتم به أنفسكم) (١) ، وهكذا عشتم مربع الظلمات (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) : بالموت والسؤال والحساب والعقاب ، وكانت حياتكم كلها حياة الغرور إذ (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : الشيطان المبالغ في الغرور ، فان له أيادي في مربع الضلال ، ولكنه ليس ولا يمكن إلا باستجابة المغرور ، دون تسيير وإنما مسايرة الزور والغرور.
وهكذا يخطو الغرور بالإنسان الى دركات الغرور ، لا لأن غروره قوي وإنما لضعف المغرور ، انضعافا من الإنسان ، فانضيافا الى الشيطان و (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ).
(فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) :
فليس لكم هناك مال تفدون به ، أو نفس تفدي عنكم ، ولو كان ف (لا
__________________
(١). اصول الكافي باسناده الى ابان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :