بذكر اللسان ، ومن ثم بكل هؤلاء الذين وقفوا عن الحراك في تحكيم ذكر الله في قلوبهم ، أو يتباطئون في الحراك ، مهما انقلب ذكر من الله إلى قلوبهم ، فليس لذكر الله حد ولا نهاية ، وعلى السالك أن يتسارع في هذه السبيل حتى يتوفاه الموت ، ومن ثم يسرع بالعجلة التي قدمها لنفسه.
(أَلَمْ يَأْنِ) : ألم يأت آن وحين (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بألسنتهم دون قلوبهم ، أو بقلوبهم أحيانا دون أخرى ، أو ببعضها دون الآخر ، أو بدرجة دون تزايد (أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) كل ما يذكر الله (وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) قرآنا وأيا كان ، (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) من اليهود والنصارى (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) : الأجل والفترة بين الرسالات (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) شاءوا أم أبوا (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)) وهم العامدون الضالون المضللون. فقيل منهم ضالون جهلا وقصورا فهم ليسوا بفاسقين ، وقليل من هؤلاء القلة مؤمنون صامدون رغم طول الآماد وبواعث القساوات ، وهنيئا لهذه القلة المؤمنة ، اللهم اجعلنا من هؤلاء القلة من الملة الحنيفة المحمدية ، وفي أقسى الزمن وأطول الفترات : دور الانتظار ، نظرة الانتصار.
وترى هل من فرج بعد الانكسار بما تقاست القلوب في فترة الانتظار ، وماتت الأرض؟ اللهم نعم :
(اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
إن إحياء الأرض بعد موتها ، لا بعد إماتتها ، توحي ان موتها منها ، وإحياءها من الله ، فهي إذا الحياة الروحية ، بعد موتها عنها بما قست القلوب (١)
__________________
(١) الكافي باسناده عن أبي ابراهيم موسى بن جعفر (ع) في الآية : قال : ليس يحييها بالقطر ولكن يبعث الله عز وجل رجالا فتحي الأرض لإحياء العدل ولإقامة الحد فيها انفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.
أقول : سلب الاحياء بالقطر عله سلب الحصر ، وكما يزعمه البسطاء ، فإن الآية تشملها وان تلويحا.