وإن كانت تشمل حياتا قبلها بموتها هي الحياة النباتية والحيوانية والإنسانية الجسدانية ، وكذلك حياتا بعدها هي الحياة الاخرى عند القيامة الكبرى ، ولكنما المقصود الأصيل من الحياة هنا هي الوسطى : الروحية السامية ، زمن قيام الدولة الإسلامية الكبرى بزعامة القائم المهدي عليه التحية والسلام (١) ، لمكان (بعد موتها) وان الآية تحتف بها آيات لا تناسب الحياة المادية فحسب :
(ألم يأن ...) (ان المصدقين ...) وإن كانت تلمح بالحياة الاولى والاخرى أيضا.
فالأرض المبشّر بإحيائها هي الأرض الناقصة من أطرافها : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) (١٣ : ٤١) وهو ذهاب نورها وبهجتها بذهاب علماءها العارفين بالله ، ومؤمنيها المتمسكين بدين الله.
كما وانها أراضي القلوب التي خوت عن خشية الله ، وانطفت عن نور معرفة الله ، فالله تعالى يحيي هذه وتلك ، زمن الانتظار أحيانا ، وزمن الانتصار تماما ، إذ لا حكم إلا الله ، فلا يعبد إذا إلا الله.
فلا يقوم قائم الانتصار إلا بعد ما ملئت الأرض ظلما وجورا وهذا موتها ، فهو يملأها قسطا وعدلا ، وهذا إحياءها ، وإن كان لا بد لتأسيس هذه الدولة العالمية من مساعدين من أقوياء المسلمين ، فهم أولاء ، العشرة آلاف جنود
__________________
(١) كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سلام بن المستنير عن أبي جعفر (ع) : في قول الله تعالى : اعلموا ان الله يحيي الأرض بعد موتها. قال : يحيي الله تعالى بالقائم بعد موتها ، يعني بموتها كفر أهلها والكافر ميت.
وفيه باسناده إلى سليط قال : قال الحسين بن علي (ع) منا اثنى عشر مهديا أولهم امير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم التاسع من ولدي هو القائم بالحق به يحيي الأرض بعد موتها ويظهر به الدين الحق على الدين كله ولو كره المشركون.
وفي روضة الكافي باسناده إلى محمد الحلبي انه سال أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل : اعلموا ان الله يحيي الأرض بعد موتها ـ قال : العدل بعد الجور.