والشموس والأقمار وسائر الكون : ف (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) والكون كله بحسبان (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ .. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟! (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) :
وكونهما يسجدان هو كذلك بحسبان ، كما الكون كله يشاركهما في هذا السجود الحسبان : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (١٦ : ٤٩) سجود التسبيح بالشعور المرموز : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤) فليس التسبيح التكويني اللااختياري ، ولا القولي والعملي الاختياري ، إنهما ليسا مما لا نفقهه ، اللهم إلا ما لا نفقهه من الشعوري المرموز!.
وترى النجم هنا هل هو نجم السماء : الكوكب الطالع ، وهو المقصود في سائر نجوم القرآن ، أو من المقصود؟ كما وأن الشمس والقمر هنا تشيران إليه ، إذا فما ألطفه نزولا من السماء الى الأرض ، من طالع السماء الى طالع الأرض! وما أجمله رباطا بينهما ، يعني ـ فيما يعني معهما ـ ما بينهما من طالع وغارب ، من زائد وعازب : ان السماء وما ينجم فيها ، والأرض وما ينجم عليها ، انهما وما بينهما يسجدان!.
أو أن النجم هنا ما نجم من النبات دون ثبات (١) ، وجاه الشجر النابت على ثبات ، رمزا الى أن غير الثابتات من الكائنات والثابتات ، انها كلها لله ساجدات ، فمحراب الكون لا تخلو منه كائنة إلا ساجدة ، ثم ومن سجود النبات نجما وشجرا ، ما يظهر عليها من آثار صنعة الصانع الحكيم ، والمقدر العليم ، بالتنقل من حال الاطلاع الى حال الإيناع ، ومن حال الإيراق الى حال الإثمار ،
__________________
(١) لسان العرب : قد خص بالنجم من النبات ما لا يقوم على ساق كما خص القائم على الساق منه بالشجر.