مباشرة أم سواها (١).
وأما «كتاب» فيه المصيبات ، فهل هو كتاب الإذن التكوين؟ اللهم نعم! إذن التكوين بعد إذن التقدير ، وبعد ما اختار أهل السوء سوءا ، أم وكتاب الإذن التشريع؟ اللهم لا! فانه لا يأذن بالشر أو يشرعه ، أم وكتاب العلم (٢) بما يأذن ويكون؟ طبعا ، فانه بكل شيء عليم ، فأحرى به أن يعلم بما يأذن.
وبما أن الإصابة ـ أيا كان ـ هي من خارج ، تصيب الإنسان في الأرض أو في نفسه ، وليست من أفعاله ، فكونها في كتاب لا يعني الجبر ، بل وإذا شملت أفعاله فكتابه المسبق لا ينافي الاختيار في الأفعال التكليفية ، لأن كتاب العلم انكشاف عما سيكون ، لا تسيير لما يكون ، وكتاب التقدير يكون على قدر ما يكون بسوء الاختيار ، وكتاب الإذن إبرام لما تتحقق مقدماته بالاختيار ، وان كان كتاب الاذن والتقدير تسييرا بالنسبة لنتائج السيئات وعكسياتها إذ لا مفر عنها ، بل وهي أيضا مختارة ، فالامتناع بالاختيار لا ينافي الإختيار ، اللهم إلا لمن تصيبه المصيبة تذكيرا وامتحانا ، وبأحرى من تصيبه ترفيعا لدرجاته كالسابقين المقربين.
فأنت وأعمالك ومصائبك حسنة وسيئة ، وأرضك ، كلها (فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) : الأرض والنفس والمصيبة ، فلا يخفى منك على الله شيء ، ولا
__________________
(١) اصول الكافي عن علي بن ابراهيم عن الصادق (ع) «لما حمل علي بن الحسين (ع) الى يزيد بن معاوية فأوقف بين يديه قال يزيد لعنه الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) فقال علي بن الحسين (ع) ليست هذه الآية فينا ، ان فينا قول الله عز وجل : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) فنحن الذين لا ناسى على ما فاتنا ولا نفرح بما أوتينا منها.
(٢) علي بن ابراهيم باسناده الى عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله (ع) في هذه الآية : صدق الله وبلغت رسله كتابه في السماء ، علمه بها وكتابه في الأرض علومنا في ليلة القدر وغيرها ، ان ذلك على الله يسير.