فهو فخور يفخر كثيرا بما خيّل اليه ، يعيش حياة الخيال والفخر والكبرياء ، ويأسى على ما فاته من الفائدات والرغبات كأنه حق له مغتصب ، ويفرح بما اوتي منها ويفخر كأنه حق له مرتقب ، ومن ثم يبخل عما اوتي من خير ويتخطاه الى أمر الناس بالبخل :
(الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) :
فما أجهله وأبخله ، وما ألعنه وألأمه هذا النكد الأغود الذي يبخل بمال الله ـ الذي استخلفه فيه ـ عن عباد الله ، ثم يأمر الناس بالبخل ليكونوا معه سواء ، متوليا معرضا عن الله ، و (هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) غني عن مالك ومالك ، غني عنك وعن غناك ، غني في ذاته وعن مخلوقاته وهم الفقراء ، حميد في ذاته وان لم يكن له حامدون ، فما يناله شيء من حمد الحامدين؟!.
(لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) :
هنا إقامة الناس بالقسط بمثلث : البينات والكتاب والميزان طوعا ، وتقويم لهم بالقسط ، بالحديد البأس الشديد كرها ، لمن ليس له طوع الى الحق ورغبة الى القسط ، الذين يجهلون أو يتجاهلون لغة الإنسان : البينات والكتاب والميزان ، فليواجهوا بلغة الحيوان : حديد فيه بأس شديد ، ومن ثمّ منافع للناس ، لأنه يؤدب النسناس ويوقفهم لحد الناس ، فمثلث البرهان حجة الناس ، والحديد حجة على النسناس ، فما هو الميزان بعد الكتاب؟ وما هي البينات قبله؟ وكتابات الوحي كلها بينات!.
إن القرآن بوحدته بينات وكتاب وميزان ، ولكن سواه من كتابات الوحي