ما هو عند البأس الشديد ، ودور الحديد معروف طول التاريخ في الحروب وغيرها ، إضافة إلى منافعها الاخرى.
ان البأس الشديد في الحديد لا يخص الأسلحة وفي حالة الحرب فقط ، انه يعم كل ما فيه الحاجة إلى البأس والقوة والصلابة ، من صناعات وبنايات وزراعات وسائر الحاجيات المحتاجة إلى البأس ، أو غيرها من منافع للناس :
(وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) : و (يعلم) هنا ، كما في أمثالها ، من العلم : الميز ـ دون العلم عن الجهل : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (٨ : ٣٨) فمن ينصره ورسله بالحديد السلاح كما ينصر بسواه فهو الطيب ، ومن لا ينصر قاعدا عن القتال في سبيل الله من أولى الضرر فهو الخبيث مهما نصر بسواه ، فعلم الناصرين دين الله عن الخاذلين والمتخاذلين من أهم منافع الحديد ، فالله يعلمهم تمييزا لكم ، ليعرف بعضكم البعض في بلوى السلاح الحديد : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) (٤٧ : ٣١) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (٣ : ١٤٢) (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) (٣ : ١٦٧).
فالحديد السلاح ، وموقف الحرب اللزام ، انه بلاء يبلى به المسلمون ، فالجهاد علم : علامة وميز ـ للمؤمنين ، والقعود عن الجهاد ، أو الفرار من الزحف دون مبرر ، إنه علم على المنافقين أو ضعفاء المؤمنين ، علم لنا بأمر الله ، لا علم لله بعد جهل أم ماذا!.
فمن ينصر الله ورسله (بالغيب) : نصرة الله الغيب ، وللرسل الغيب ، فإن رسالتهم غيب ولو تثبت بالأدلة الشهود ، كما يثبت بها وجود الله ، وكذلك من ينصر الله ورسله نصرة بالغيب ، في عمق القلب وحق الرضا ، دون نفاق ورثاء كمن ينصر ظاهرا ، بلفظة قول أو عمل ما دام الأمل في هذه النصرة : أن تجلب له المناصب والأموال ، أو تعطف إليه الأنظار ، فإذا جاء الخطر وخاب الأمل فحيدي حياد!