وغيره ، ودفع للتكاثر عليه (ص) من غير حاجة جماعية مدقعة.
(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) : كجماعة المسلمين ، فإنه لصالحكم جماعيا (وَأَطْهَرُ) : لقلوبكم ، إذ تدل الصدقة أن النجوى بعدها خالصة لوجه الله ، ولكن الفقير ماذا يصنع؟ هل يحرم لأنه فقير المال ، فيضاف إليه فقر الحال؟ كلا : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) غفران يخص المعدمين دون أن يعم الواجدين ، مما يجاوب الأمر بالصدقة في الدلالة على وجوبها ، فإنها بين أمر وغفر ، كما تجاوبه توبة الله عليهم إذ لم يفعلوا. ولقد تواترت الروايات أنه لم يعمل بهذه الآية إلا الإمام أمير المؤمنين علي (ع) (١) وعلى حدّ قوله : (ان في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي : آية النجوى .. كان عندي دينار فبعثه بعشرة دراهم فكنت كلما ناجيت النبي (ص) قدمت بين يدي درهما ، ثم نسخت ، فلم يعمل بها أحد ، فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) (٢).
__________________
(١) أورده الثعلبي والواحدي وغيرهما من المفسرين والمحدثين ، فمن ذلك ما يقوله الشيخ شرف الدين بعد نقل كثير من أخبار النجوى : «أعلم أن محمد بن العباس ذكر في تفسيره سبعين حديثا من طريق الفريقين يتضمن ان المناجي للرسول (ص) هو أمير المؤمنين (ع) دون الناس أجمعين» وأخرجه ابن بطريق في العمدة بأسانيد كثيرة عن الثعلبي وابن المغازلي ورزين وغيرهم ، وفي المستدرك عن أبي نعيم باسناده عن أبي صالح عن أبن عباس ، وباسناده عن مجاهد وعلي بن علقمة عن علي (ع) وابن مردويه في المناقب بأربع طرق أحدها يرفعه إلى سالم بن أبي الجعد عن علي مثله ، وفي الجمع بين الصحاح الستة قال ابو عبد الله البخاري وروى مثله ، وعن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مثله ، والحافظ ابو نعيم في كتاب ما نزل من القرآن في علي بسنده عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس ، وعن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ، إلى غير ذلك من الأسانيد.
(٢) أخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي (ع) قال : وفي بعض الأحاديث انه (ع) استقرض هذا الدينار لنجوى الرسول (ص).