ويروى عنه (ع) : ان آية النجوى ما كانت إلا ساعة ويروى عشر ليال ، وهذه أوفق بفرصة الامتحان ، وغاية الامتهان ، وان ساعة ومثلها لا تكفي للمناجات عشر مرات (١)! ويروى انه سأله (ص) بين الآيتين عن عشر خصال (٢) فهل في ساعة واحدة عشر مراجعات في عشر نجوات تحمل كل واحدة استعلام خصلة؟! فقد ناجاه (ص) عشر مرات في هذه الفترة ، فاستعلمه (ص) عشر خصال ، مما يثير العجب من مدى رغبته في نجواه لحدّ تصدق بكل ماله الذي استقرضه ، نجوات تترى دونما انقطاع ، رغم إهمال من سواه إشفاقا أن يقدموا بين يدي نجواهم صدقات ، وليس في ذلك تنديد بالامة أجمع ، إنما بمن كان يناجيه تباعا ثم ترك أو ترك الصدقة قبل مناجاته إذ واصل فيها ، واما من لم يكن يناجيه رعاية للمصلحة الجماعية ، أو تقديما للأصلح في نجواه ، أو لم يحصل له سؤال هام يتطلب النجوى في هذه الفترة ، أما بالنسبة لهؤلاء فلا (٣).
فقد تبين هنا للعامل الوحيد بالآية فضيلتان : أنه ما ترك نجواه بل قد زاد فيها ، وأنه الذي يحق أن يناجي الرسول (ص) بما فيها من صالح الامة الإسلامية لأنه باب مدينة علمه والصادر عنه ، وكم له من ميزات أجمعت الامة عليها ، وهذه
__________________
(١) أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي (ع) قال : ويروى انه كان عشر ليال كما أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل.
(٢) أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال نهوا عن مناجاة النبي (ص) حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب فإنه قدم دينارا فتصدق به ثم ناجى النبي (ص) فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة.
(٣) أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : ان المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله (ص) حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه فلما قال ذلك امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا «أَأَشْفَقْتُمْ ...» () لدر المنثور ٦ : ١٨٥).