منها (١) رغم ما نقم منه الناقمون لحدّ أضمروا عن اسمه فقالوا : (رجل من المهاجرين) وأشركوا معه في هذه الكرامة غيره (٢) خلافا لإجماع الرواة والمفسرين.
ولما ترك جماعة من المسلمين المناجاة خشية الإنفاق وخيّم عليهم الإشفاق : العناية المختلطة بخوف ، نسخ الله تعالى حكم صدقة المناجاة شفقة عليهم ورحمة ، وتاب عليهم ، فاختصت الفضيلة في تطبيق الآية بالإمام علي (ع) لحدّ يتحسر منه الخليفة عمر (٣).
(أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) :
فهنا «نجواكم» توحي بأنهم تناجوا الرسول بعد النهى ولم يقدموا صدقات ، وهكذا يوحي الإشفاق أيضا فإنه عناية مختلطة بخوف ، عناية في مناجاة
__________________
(١) عنه (ع) يقول للقوم بعد موت عمر بن الخطاب : نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية ... فكنت انا الذي قدم الصدقة ، غيري؟ قالوا : «لا» وكما احتج به على أبي بكر بقوله (ع) فأنشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله (ص) صدقة فناجاه وعاتب الله تعالى قوما فقال : ءأشفقتم ... أم أنا؟ قال : بل أنت (نور الثقلين ٥ : ٢٦٥ عن الاحتجاج للطبرسي).
(٢) كما أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل ينقل القصة إلى أن يقول : فأما أهل العسرة فلم يجدوا شيئا وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله «ءأشفقتم ...» (الدر المنثور ٦ : ١٨٥).
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٦ ـ لإسماعيل حقي البروسي عن عمر رضي الله عنه : كان لعلي رضي الله عنه ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلى من حمر النعم : تزويجه فاطمة رضي الله عنها وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى».