(اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) :
الحوذ أن يتبع السائق حاذيي البعير أي أدبار فخذيه فيعنّف في سوقه ، فاستحواذ الشيطان على حزبه أن يركب أدبارهم معنّفا في سوقهم وكما وعد : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (١٧ : ٦٢) والاستحواذ أشد ألوان الاحتناك ، إذا فهم سيّقة الشيطان : يسوقهم حيثما يريد ، فقد يبدأ اللعين بتمشيتهم وراءه : أن يتبعوا خطواته ، ثم يركبهم محتنكا إياهم ، ثم يستحوذ عليهم ، وبهذا الثالوث اللعين يفقدهم مشاعرهم كأنهم ظلاله في ضلاله (فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ) ولحد الإعراض ، (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) : خالصين له مخلصين ، واقفين تحت لوائه ، عاملين باسمه ، منفذين غاياته ، وهو الشر الخالص الواصب الذي ينتهي إلى الخسران الخالص.
وللشيطان في كافة الأحزاب ـ إلا حزب الله ـ أعوان بمختلف الألوان وإن كانوا دركات ، كما ان حزب الله درجات (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) ومن دركات حزب الشيطان التفرقات عن الوحدة الايمانية ، عقائديا وعمليا ، ومنها ترك الجماعات في الصلاة ، وعلى حد قول الرسول (ص) (ما من ثلاثة في قرية ولا بدّ ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية) (١). وكما ان من ظروفها ومصائدها : (أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا) على حد قول الإمام علي (ع) (٢).
__________________
(١) الدر المنثور أخرج ابو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله (ص) يقول :
(٢) اصول الكافي باسناده عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال : خطب أمير المؤمنين (ع) الناس فقال : «أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن ـ إلى قوله ـ يخالف فيها كتاب الله يتولى فيها ـ