ان القلوب تحيى وتطمئن بذكر الله ، والشيطان يستحوذ على أوليائه ينسيهم ذكر الله ، يجعل أعينهم في غشاء وغطاء عن ذكر الله (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي) (١٨ : ١٠١) : ذكر الله الذي يذهب بالحجب والأدران عن العقول والصدور والقلوب والألباب ، فيعيش ذووا الألباب ذكر الله إسرارا وإعلانا ، عملا ولسانا ، فلا يعنى من ذكر الله لقلقة اللسان ولا خبر عنه في الجنان ، فإنما اللسان آلة لذكر القلب وليس هو ذاكرا في الحق : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وأرفع المقامات في ذكر الله أن ينسى الذاكر من سوى الله حتى نفسه (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) :
فهناك أذلاء وهم عصاة أمر الله ، على مدى عصيانهم ، وقد يكونون من المؤمنين ، وهناك أذلون وهم الذين ينعزلون الى حزب الشيطان محادّين الله ورسوله : أن له ولرسوله حدّه ، ولنا حدودنا ، كأن لا سلطان له عليهم ، وهم آلهة أنفسهم ، أم الشيطان إلهم! فبمقدار ما يكون الله وحزبه أعز ، فالشيطان وحزبه كذلك ـ أذلّون ـ في كافة الحقول ، مهما كثرت وطاشت شهواتهم ، أذلّون في محكمة الفطرة والعقل والواقع ، في الدنيا والآخرة.
فمهما ذل المؤمنون أحيانا في هجمات الكافرين فهم أعزة بإيمانهم ، تزول عنهم