الذلة الظاهرة : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) (٣ : ١٢٣) (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٦٣ : ٨) ، ولكنما المحادّين لله ورسوله ، الذلة لزامهم إذ لا مولى لهم : (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) : غريقون في الذل دائبا لا يزول ، ولكنما المؤمن له العز والغلبة مهما بلغت به الصعوبات واصطدمته العرقلات في سبيل الله :
(كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) :
«كتب الله» : إن كتابة الغلبة الإلهية لا تغني نقشا على ورق : إنشاء أو إخبارا ، إنما هي تثبيت الغلبة بمثبتاتها ومعداتها : غلبة في التكوين والتشريع ، وفي التشريع غلبة في الحجة والمهجة ، وغلبة في التطبيق ، وكل ذلك نتيجة الارادة الإلهية وتأييده رسله في غلبهم بحجج الرسالات وبيناته.
(لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) : لا «لنغلبن» رغم واقع الجمع ، إنما «لأغلبن» لأن الله لا يعد ويردف نفسه المقدسة في عداد خلقه وحتى رسله ، وأن غلب الرسل من غلبه ، فإنهم لا يغلبون إلا بما يحملون من الرسالات وإثباتاتها ومعجزاتها ، ولو لا فضل من الله ورحمة لكانوا كسواهم من الأذلين المغلوبين (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) فرسل الله بقوة الله وعزته يغلبون ، وإلا فهم الفقراء لا يملكون شيئا! (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (٣ : ١٢٦).
أجل «ورسلي» المختصون في تحقيق رسالات الله ، حاصرين طاقاتهم كلها في وجه الله ، لا يبتغون إلا مرضاة الله فلهم سابق كلمة النصر : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (٣٧ : ١٧٢) كما والمؤمنون كذلك منصورون غالبون بنصر الله على قدر إيمانهم بالله : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) نصرة في الدنيا تناسب الرسالة والإيمان ، ونصرة في الآخرة هي تحقيق وعد الله لهم بالجنة ، ولقد كتب على نفسه نصرهم حقا : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (٣٠ : ٤٧).