فضلهما من حيث الفاكهة ، فلا تفكّه في الحب إلا القوت ، ومن الصعب الاكتفاء بالقوت بلا فاكهة ، كما من المحال المعاكسة : الاكتفاء بالفاكهة دون قوت ، اللهم إلا في النخل التي تجمعها ، لفترة غير بعيدة من الزمن.
وبعد هذه يأتي دور الريحان ، النابتات ذوات الروائح الطيبة الريحانية ، التي تصاحب القوت والفاكهة ، وقد تكون الفاكهة ريحانا ، كما القوت قد تكون ريحانا.
ومن فضل النخل أنها ذات الأكمام : جمع الكمّ ـ ضما وكسرا ـ : ما تغطي الثمرة ، كما الكم ما يغطي اليدين ، والكمة ما يغطي الرأس ، فالثمرة المكمومة : المحفوظة عن الفضاء وغباراتها وتأثيراتها ، انها أبعد من الفساد ، ثم وفي أكمام النخل من ليفها ولحاها فوائد ، حتى وفي نواتها أكل للإنسان وسائر الحيوان.
كما وأن في عصف الحب : ورقه وتبنه ، فيها فوائد جمة ، أكلا وسواه.
فهذه وتلك طرف من نعم الرحمان على الإنس والجان :
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
وترى أية منة على الجان في أن خلق الله الإنسان وعلمه البيان ، مهما كانت المنة تشملهم في تعليم القرآن وسواه من النعيم المعدودة مسبقا؟.
الجواب : لو لا الإنسان وتعليمه البيان لما استطاع الجان أن يتعلموا القرآن فانه نزل على رسول الانس ، ومن ثم وبواسطته إلى رسل الجان فإليهم ، فخلق الإنسان وتعليمه البيان والقرآن نعمة كبيرة على الجان : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
وهي آية عديمة النظير ، تتكرر في هذه السورة فقط إحدى وثلاثين مرة ، في طيات ذكريات النعم التي منحها الإنس والجان ، تلقي على السورة كلها لونا