وهل الكفر المانع من زواج المؤمنة هو الشرك فحسب؟ كما المشركون فقط هم شأن نزول الآية ، إذ كانوا هم فقط في مكة المكرمة ، أم إن الكفر هو المانع إطلاقا ، كفرا بالله أو كفرا بالإسلام ، كما هو موضوع الحكم بالحرمة هنا (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) فلم يقل «إلى المشركين» ، وهو كالصريح في موضوعية مطلق الكفر ، وشأن النزول لا يخص الآية بنفسه.
وتدل عليه آية البقرة أيضا ، إذ تعلل حرمة نكاح المؤمنة للمشرك ب :
(أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) فعموم الكفار هنا وفعلة الدعوة الى النار في المشرك ، المعممة له الى مطلق الكافر أيضا ، يثبتان عموم التحريم على الكافر مشركا أم كتابيا ، فسبيل الكافر على المؤمن ، الممنوعة ، ودعوته الزوجة المؤمنة الى النار ، يساندان عموم التحريم على الكفار ، دون المؤمن والكتابية ، إذ تعكس بينهما الدعوة والسبيل ، وآية المائدة تسمح بزواج الكتابية للمؤمن ، دون زواج الكافر بالمؤمنة كما يأتي.
وهل ان المؤمنة المهاجرة أو غير المهاجرة ، غير العريقة في الإيمان ، الساقطة في الامتحان ، هل يحل رجعها الى الكفار ، أو زواجها به بدوا؟ هنا الآية لا تحرّم ، وعلّه للظروف الخاصة السياسية آنذاك ، التي تتطلب تخليص دار الإسلام عن عناصر غير صالحة ، حفاظا على صالح الدولة الإسلامية ، إلا أن رجعها الى الكافر لا يجوز مبدئيا ، بسند دليل الدعوة والسبيل ، وعموم آية البقرة في تحريم المؤمنة على الكافر ، إذ تشمل كافة مراتب الإيمان ، كما تشمل كافة مراحل الكفر ، ولا أقل من نسخ آية البقرة في عموم التحريم ، آية الممتحنة في خصوصها على المؤمنات الممتحنات ، ولنا إلقاء خصوصية الامتحان وكمال الإيمان للأدلة المسبقة ، وأن (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) حكم مستقل عن (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) ، ففي رجع الممتحنة حرمة مغلّظة ،