على ما أنفق ولم يرد الزواج ، وأما إذا لم يرد الزواج ولم يحصل على حقه ففيه تردد ، وإطلاق المعاقبة يشمله فيؤتى من بيت المال.
ثم الخطاب الأول «فاتكم» للأزواج ، والثاني «فعاقبتم» يعمّهم وغيرهم حسب المحتملات ، والثالث «فآتوا» يخص غيرهم ، فان الإنسان لا يؤتي نفسه ولا يعوض عن نفسه ، ومزج الخطاب هنا وهناك يوحي بأن المسلمين إخوة لا يفرق بينهم أي فارق.
ثم يأتي مرة ثانية مكملة للأولى ، دور المؤمنات في تفاصيل البيعة وموادها الأساسية :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) (١) : مهاجرات وغير مهاجرات ، مجيئا إليك لغاية المبايعة الإيمانية ، المسرودة إليهن موادها الأصيلة مسبقا :
(عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ) : كحلقة اولى من مقومات الحياة الجديدة ، وهي كلها هنا سلبية توحي بأن لترك المنكرات عقائدية وعملية سبقا على فعل واجباتهما ، فتلك تزكية وهذه تحلية ، والاولى هي أساس للثانية.
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢١١ ـ أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله (ص) أمر عمر بن الخطاب فقال : قل لهن ان رسول الله يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ، وكانت هند متنكرة في النساء ، فقال لعمر : قل لهن ولا يسرقن ، قالت هند : والله إني لا صيب من مال أبي سفيان الهنة ، فقال : ولا يزنين ، فقالت : وهل تزني الحرة؟ (في نقل آخر : فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية) فقال : ولا يقتلن أولادهن ، قالت هند : أنت قتلتهم يوم بدر ، قال : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ... وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأحمد وابن مردويه عن انس قال : أخذ النبي (ص) على النساء حين بايعهن ان لا ينحن ، فقلن يا رسول الله ، ان نساء أسعدتنا في الجاهلية أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي (ص) : لا إسعاد في الإسلام ولا شطار ولا عقر في الإسلام ولا خبب ولا جنب ، ومن انتهب فليس منا.