حجة بعد كتاب الله ، والكل راجع إلى الله مهما اختلفت كيفية الصدور عن الله (١). ومن ثم ، إذا أكملن هذه الشروط : (فَبايِعْهُنَّ) كما تناسبك ، (وقد قالت ام حكيم : يا رسول الله! كيف نبايعك؟ قال : إنني لا أصافح النساء ، فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها فقال : أدخلن أيديكن في هذا الماء) (٢). بايعهن حتى يستقبلن حياة جديدة طاهرة زاهرة ، وأما بالنسبة لما مضى :
(وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : فلاستغفار الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حيث يشفع باستغفار المذنبين ـ أثر عظيم في الغفران ، شفعا عزيزا لا يردّه الله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤ : ٦٤).
وهنا السورة تنتهي بما بدأت به من النهي الشديد عن تولي المغضوب عليهم :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) :
__________________
(١) لذلك ذكرت في الأحاديث من المعروف هنا ما لا يعرف من كتاب الله ، فقد سألت ام حكيم رسول الله (ص) : ما ذاك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه؟ قال : لا تلطمن خدا ولا تخمشن وجها ولا تنتفن شعرا ولا تشققن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعين بويل ... فبايعن رسول الله (ص) على هذا. وفي بعضها أضيف البعض من أوامر الله ليدل على شمول (وَلا يَعْصِينَكَ) لما أمر الله به ، كما رواه عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قال : هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما أمرهن به من خير.
(٢) في الكافي بإسناده عن ابان عن أبي عبد الله (ع) قال : لما فتح رسول الله (ص) مكة بايع الرجال ثم جاءت النساء يبايعنه ، فأنزل الله عز وجل : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ ...)