وفي تقسيم حاصر بين القول والفعل ، قد يفعل الإنسان قبل أن يقول ، ففعله هو قوله قبل قوله ، وإذا يقول فليس بدافع التشهر والفخر ، وإنما توجيها للآخرين ، فهذا هو العليين من القول والفعل ، وقد يقول ولا يفعل ، بل ويضاد فعله قوله ، وهذا هو السجين منهما ، ثم بينهما متوسطات من زيادة القول على الفعل دون رئاء ، أو قول يجاوب الفعل ولكنه رئاء ، أم ماذا ، فإنما يحسن من القول ما يعتقده القائل ويفعله تماما.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) :
ان سبيل الله في كافة مجالاتها ، هي سبيل مرضاة الله ، وهي سبيل مصلحة الإنسان دينا ودنيا ، مجتمعات وأفرادا ، وفي كل متطلباته كإنسان ، فسبيل الله ـ إذا ـ هي سبيل صالح الإنسان ، والله هو الغني عن عباده وهم الفقراء إليه ، وهكذا يفسر نصرة الله وصراط الله ، وكلما لله مما يؤمر به الناس.
ثم المقاتلة في سبيل الله ليست فوضى دون نظام وقيادة صالحة ، فكما لا قتال إلا في سبيل الله ، متحللا عن الأطماع التوسعية ، كذلك لا قتال في سبيل الله إلا (صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) في تضامن عن قيادة ونظام بين الجماعة المسلمة ، داخل صفوف متراصة : برية وبحرية وجوية ، متضامنة منضمة كل مع بعض ، كما يتضامن كلّ مع صفيفه ، وكلّ صف واحد ، فإنهم يقاتلون تحت قيادة واحدة ونظام واحد (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) تتضامن أبعاضه في صميمه ، مهما اختلفت شكليا ومن حيث الوظائف في تصميمه.
ولو كان المسلمون أجمع ، أو المسلمون العرب على أقل تقدير ، لو كانوا هكذا في مواجهة ثالوث الاستعمار الصيهوني الانكلو أمريكي ، والاستحمار الروسي المناوئ له شكليا ، والمساند إياه ضد المسلمين واقعيا ، لو كانوا مقاتلين في سبيل الله صفا كأنهم بنيان مرصوص ، لما انهزموا واصطدموا من دويلة العصابات الصهيونية وعملائها المرتزقة داخل البلاد.