(إسلام واحمد) حسب الأصل اليوناني واقعيا ولغويا.
واقعيا لأن الأرض لا تحمل السّلام التام ما دام فيها تضارب العقائد والأحكام.
فهذا هو السيد المسيح عليه السّلام يقول عن سلام الأرض : «ما جئت لألقي سلاما على الأرض بل سيفا» (متى ١٠ : ٣٤) «جئت لألقي نارا على الأرض أتظنون أني جئت لألقي سلاما؟ كلا! أقول لكم بل انقساما» (لوقا ١٢ : ٥٣).
إذا ف (ايريني) على الأرض ليس سلامها ، وإنما هو إسلامها الذي سوف ينتهي إلى سلامها التام في دولة القائم المنتظر عليه السّلام : ملكوت الله الذي يلتمسه المسيحيون في صلواتهم ليل نهار ، والملائكة تعني بهذا الهتاف ان (أحمد) سوف يؤسس الإسلام على الأرض فيشملها كما الحمد لله شامل في الأعالي.
ولغويا : الحق ان (ايودكيا) مركبة من (ايو ـ دكيا) ايو بمعنى : حسن ، جيد ، صالح ، مرحي ، حقيقي ، حسن ملاحة ـ و (دوكيا) لم نجدها هكذا في كتب اللغة وإنما (دو كوئه) أي : الحمد ، الاشتهاء ، الشوق ، الرغبة ، البيان ، الفكر ، ثم الصفات المشتقة من (دوكسا) : وهي ، حمد ، محمود ، ممدوح ، نفيس ، مشتهي ، مرغوب ، مجيد ، والمركب من هذين هو «محمد وأحمد».
كما وان الأصل العبراني (شلم حمد) هو الإسلام وأحمد ، لا السّلام والمسرة ، وإن كان الإسلام وأحمد سلاما ومسرة للمؤمنين (١).
هذان الأحمدان طرف من البشارات الإنجيلية بجنب العديد من البشارات المحمدية في التوراة والإنجيل نتحدث عنها في طيات آياتها إنشاء الله تعالى ومنها ما في كتاب أشعياء (٤٢ : ١٠) «يسبحون الرب تسبيحا جديدا ويبقى أثر
__________________
(١) راجع كتابنا (رسول الإسلام في الكتب السماوية) تجد فيه تفصيل القول حول «بيركلتوس» و «ايريني ايودكيا» ، ننقله عن الأب عبد الأحد الآشوري العراقي من كتابه «الإنجيل والصليب» ط القاهرة ١٣٥١ ه نقله عن التركية إلى العربية مسلم عراقي.