(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١١ : ١١٤) وكبائر المعاصي تركا : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٤ : ٣١) ، ثم بقية حاضرة بجنب أمثالها والمستقبلة :
(وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) :
وتجارة وعائدة أخرى ، تحبونها هنا (نَصْرٌ مِنَ اللهِ) إذ تنصرون دينه (وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) : فتح مكة المكرمة وهو فتح الفتوح فيما مضى ، وفتح القائم المهدي عليه السّلام (١) ، وهو أشمل ، وإن كان متأخرا بزمن ، فكل آت قريب. فقد تربحكم هذه التجارة في الحياتين (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) بهذه الفتوحات والأرباح الدائبة ، وإنما المؤمنين المجاهدين بكل ما لديهم من إمكانيات ، لا القاعدين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) :
هذه المقالة من السيد المسيح هي لما أحسّ منهم الكفر : «فلما أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري الى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنّا بالله واشهد بأنّا مسلمون. ربنا آمنّا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين. (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٣ : ٥٤).
كون الإنسان من أنصار الله والأنصار إلى الله لا يعني أن الله بحاجة إلى نصرة في ذاته أو صفاته أو أفعاله إلى عباده الضعفاء المهازيل ، وإنما يعني نصرة الإنسان نفسه في صالحه الحيوي بكافة مجالاتها ، الذي لا يصلح إلا بإرادة الله ودلالته ، فليس بإمكان الإنسان أيا كان أن ينصر نفسه إلا على ضوء شريعة الله
__________________
(١) القمي أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) في الآية : يعني في الدنيا بفتح القائم (ع) ، وأيضا فتح مكة.