محط الدعوة الاولى ومنطلقها إلى العالم أجمع.
ثم وبعد ان نزل عليه القرآن زالت أميته وأصبح أقرء القراء بما يقرء ام الكتاب حافظا له غير ناس ، معلما فيه للجنة والناس ، ومن اكتب الكتاب ، حيث الامية هذه خاصة بما قبل نزول القرآن : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٢٩ : ٤٨) وأما بعده فأنت تتلو وتخط بما اوحى الله (١)! كما وزالت الامية ممن أرسل إليهم ، كل حسب وعيه ، فأهل القرآن درجات في علمه والإيمان به ، كما ان غيرهم دركات في أميتهم علما وإيمانا به.
ف «هو» الله «الذي بعث» : في الذين أماتتهم الجهالة الجهلاء ، وأرقدتهم عن النهوض بأعباء الحياة : «في الأميين» : العالمين أجمع ، ولقد كانت أميته عن أي علم اكثر من بعضهم كتابة وقراءة : وحي الكتاب وسواه ، أللهم إلا في معرفة الله وطاعته بإرشاد مباشر من ملك الوحي «رسولا منهم» في البشرية والامية ام ماذا : «يتلوا ..» : ثم المهمة من هذه الرسالة السامية في المرسل إليهم ثلاثية هي : تلاوة آيات الله ، وتزكيتهم ، وتعليمهم الكتاب والحكمة ، وكما في دعوة إبراهيم عليه السّلام :
(رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ... رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) (٢ : ١٢٩) ولذلك يقول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : (أنا دعوة أبي ابراهيم) ولقد سمع الله دعوته في
__________________
(١) بصائر الدرجات عن الامام الصادق (ع) : ان النبي (ص) كان يقرء ويكتب ويقرء ما لم يكتب وفي علل الشرائع عن الامام الباقر (ع) لقد كان رسول الله (ص) يقرء ويكتب باثنين وسبعين لسانا(نور الثقلين ٥ : ٣٢٢) أقول : يعني بعد وحي القرآن.