فناء من عليها ، المطمئنين بالحياة الدنيا ، الراضين عنها ، لم يكن لبقاء وجه الله من جلال ولا إكرام ، مهما كان الفناء الأخير من بلاءه دون آلاءه ، ولكنها من وجهة اخرى من آلاءه ، لمن جانبها ، فالفناء دركات ودرجات ، والبقاء بالله درجات (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟!.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
السؤال هو الحاجة التي تحرص النفس عليها ، فالسؤال التماسها ممن يستجيبها ، سواء أكان بلسان الذات ، فالممكنات كلها فقيرة الذات إلى الله ، أم بلسان الصفات فكذلك الأمر ، أم بلسان الحال ، فكل تشهد أن كونها في مثلث الكيان دون سؤال ، ودون إجابة ، إنه من المحال ، أم بلسان المقال ، فقد يجاب إذا توفرت شروط الإجابة ، وقد لا يجاب إذا لم تتوفر : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) (١٤ : ٣٤) لا (كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) فالأسئلة الحالية والذاتية والصفاتية مستجابة على أية حال ، ولو لم يخطر للسائل ببال ، كمن لا يعرفون الله ، أو لا يوحدونه ، أو الغافلون عنه ، أو الذين قد يسألون ما يضرهم ، وقد لا يسألون ما ينفعهم ، فهو يعطيهم ما يصلحهم استجابة لمثلث السؤال بلا إدراك للسائل فيه ولا مقال ، فهو وحده المجيب ، وسائله لا يخيب ، وما سأل أحد غير الله ، إلا حرم سؤله عند الله ، وماذا يملك من دون الله ، حتى يسألونهم من دون الله؟!
(يَسْئَلُهُ مَنْ) فما ذا يسألونه؟ ومتى؟ وما هو دليل الإجابة وليست في الآية؟ ومن هم السائلون؟.
إن السؤال لا يختص كائنا دون سواه ، إن كان يشمل كافة الطلبات والحاجات ، وقد جيء هنا ب «من» إما تدليلا على أن الكائن أيا كان لا يخلو عن شعور ، كيف لا و : (إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ