تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤) أو أن «من» لتشريف الكائنات العاقلة ـ كالملائكة والإنس والجان ـ على سواها.
ثم وكل يسأل ما يحتاجه ويصلحه هو أو سواه أيضا ، وإلا فلا إجابة.
وقد يسأل أهل السماوات ـ فيما يسألون ـ لأهل الأرض ، من الجنة والناس ، وإلا لم يكن في سؤالهم آلاء للأنس والجان ، فلم يصح عليهما فيه الامتنان ، وممن نعرفهم في أهل السماوات ، السائلين لأهل الأرض الملائكة : (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ (٤٢ : ٥) (.. لِلَّذِينَ آمَنُوا) (٤٠ : ٧٠) ومن بين السائلين من لا يسأله أمرا سواه ، فالعارف لا يسأله إلا إياه ليزداد معرفة بالله ، فكل يسأل على حد شاكلته ومعرفته مناه : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وبما أن الأسئلة هذه منوطة بيوم الدنيا ، فلا إجابة يوم الآخرة إلا بما قدمت كل نفس في الاولى ، فهم يجازون هنا لك دون سؤال ، وإنما حسب الأقوال فالأحوال فالأعمال ، فالسؤال إذا تختص هنا : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) : شأن الإجابة وسواها من شؤن الربوبية للأولى دون الاخرى : «من إحداث بديع لم يكن» (١) فإنه بديع في شأنه خلقا وأفعالا على غير مثال واحتذاء أمثال ، إنما يبدع بدعا : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢ : ١١٧) دون حاجة إلى زمن ، أو استعانة بمثال سابق.
ثم «ومن شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين ويجيب داعيا» (٢) أو أن يفعل ما يشاء عدلا أو فضلا ، ولا يشغله شأن عن شأن : شأن الرحمة الرحمانية والرحيمية.
__________________
(١) اصول الكافي عن أمير المؤمنين (ع) في خطبة له «الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه لأنه كل يوم في شأن من احداث بديع لم يكن.
(٢) الدر المنثور ٦ : ١٤٦ ، أخرجه الحفاظ عن أبي الدرداء عن النبي (ص) في آية الشأن.