ف (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) ثم ولا فرار عن النار إلا بسلطان الجبار على ضوء سلطان من التقوى ، ودون حاجة للنفوذ من هذه الأقطار!.
أم خروجا من سلطان الله : ملكه وقدرته؟ فلو كان بعد الأرض والسماوات مكان لم يكن إلا بسلطان الرحمان : (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) : في ملك الله وقبضته ، فما محاولة الخروج عن سلطان الله إلا محاولة جنونية مستحالة.
فسواء أكانت محاولة النفوذ من الأقطار يوم الدنيا أم يوم الدين ، ف (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) : فأين تطير هذه الحشرة الهزيلة الذليلة ، وإلى أين ، أتحسبها تنجو من عذاب الرحمان ، أو تخرج عن سلطانه؟ فلتنفذ من الأقطار كل الأقطار ، فهل تفر من النار؟ (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ) لا انتصار الفرار ، ولا إخماد النار ، ولا أي غلب على العزيز الجبار ، فلما ذا الفرار؟!
إن شواظ النار : لسانها اللهيب الخالص الأخضر ، ترسل على الفارين ولو إلى أبعد الأقطار ، والنحاس هنا المذاب السائل من الصفر ، أو الدخان المتصاعد من النار ، هما يرسلان عليكما ، ولا اليكما ، مما يوحي أن عذاب الله حاضر حاذر ولو خارج الأقطار ، لا يتطلب معونة الإرسال الى الفار ، ولو استطاع الفرار؟!.
فالسلطة الإلهية المطلقة هي من الآلاء ، وتحقيق العذاب على المستحقين من الآلاء ، وملاحقة الفارين عن العذاب من الآلاء ، عدلا أو فضلا من الرحمان : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فإن البلاء العدل على أهله من الآلاء الفضل على أهل الله.
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) :
انشقاق السماء هو اخترامها وافتراقها عن التئامها وصلابتها :