(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ. لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ. خافِضَةٌ رافِعَةٌ) الواقعة هذه هي واقعة قيامة الإماتة والتدمير ، التي تتلوها قيامة الإحياء والتعمير : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ. وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً. فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (٦٩ : ١٥) : الحادثة التي هي لا محالة واقعة ، لحدّ تسمت باسم الواقعة ، إذ لا بداء عنها ولا رجوع ، فإنها حتمي الوقوع لحد كأنها الآن واقعة ، كما توحي له الفاعلة مرتين : مرة لأن الفاعل لا بد وهو شامل للحال ، مهما شمل ـ أيضا ـ الاستقبال ، واخرى إن كانت تاءها للمبالغة ، كما قد تؤيده تاء الكاذبة ، قرن مبالغة الوقوع بمبالغة اللاوقوع.
و «إذا» الظرفية ـ هنا مضمّنة معنى الشرط ، أنها رغم ما كانت لها كاذبة قبل وقوعها ، ليس لوقعتها كاذبة ظرف وقوعها ، إذ يجد الكاذبة نفسه والكون كله ، يجدها في واقع الواقعة ، فأنى له أن يكون لها كاذبة؟! أو أن الجزاء محذوف يستوحى من «ليس .. خافضة رافعة». ثم ف «كاذبة» هي مبالغة «كاذب» كما «الواقعة» تبالغ في «الواقع» :
إن الذين كانوا يصرون مبالغين في تكذيبها يوم الدنيا ، ليسوا ليكذبوا بها في الاخرى ، فوقعتها ـ وهي وقوعها مرة دون مهل ولا تكرار ـ هي التي تزيل عنهم ذلك التكذيب الإصرار ، فتحولهم إلى التصديق والإقرار ، حين لا يفيدهم تصديق ولا إقرار ولات حين فرار.