ثم (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) قد تكون وصفا ل (كاذِبَةٌ) : الذي يكذب بها خفضا لها عن دورها الموعود ، في الحساب العدل والعقاب ، والفضل والثواب ، أو رفعا لها عن الكيان والوجود : أن لا قيامة فلا حساب ، فلا ثواب ولا عقاب!.
أو أنها خبر محذوف المبتدء : «هي خافضة رافعة» : خافضة أقواما ترفعوا يوم الدنيا دونما حق أو صلاحية فرفضتهم إلى النار وبئس القرار ، ورافعة آخرين تنزلوا عما يحق لهم ، فرفعتهم إلى الجنة (١) ، ونعم القرار ، ولأن الواقعة ظاهرة حق وحساب دون الدنيا الفوضى اللاحساب!.
أو أن الوصفين تشملان الواقعة والكاذبة بالمعنيين ، فقد تتحملها الجملة أدبيا ومعنويا : فلا كاذبة للواقعة خفضا ولا رفعا ، بل هي خافضة لمكذبيها رافعة لمصدقيها.
وقد يتخطى نفي الكاذبة لها يوم الواقعة ، إلى ما قبلها ، أن تكون (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) وصفا للواقعة قبل وقوعها (٢) كما تصفها ليوم وقوعها : أن ليس لوقعة الواقعة قبلها ، من يبالغ في التكذيب بها يوم الدنيا ، كما ليس لها كاذبة يومها ، سواء ، إذ لا سناد لمكذبيها يبالغون به في تكذيبها ، إلا ظنونا وأوهاما لا تملك إلا التشكيك بها ، لا التأكيد من عدم وقوعها ، وهذا ما يبرر المبالغة في الكاذبة ، إذ لا يكذب بها الواقع فيها ، المتواجد عندها ، فضلا عن أن يبالغ في تكذيبها ، حتى يبرر نفي المبالغة.
__________________
(١) الخصال للصدوق عن الزهري قال : سمعت علي بن الحسين عليه السّلام يقول في الآية : خافضة خفضت والله بأعداء الله في النار ، رافعة رفعت والله أولياء الله إلى الجنة.
وفي الدر المنثور ٦ : ١٥٣ عن محمد بن كعب : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مترفعين وترفع رجالا كانوا في الدنيا منخفضين ، ومثله عن السدي وقتادة.
(٢) ذلك وإن كانت الجملة منكرة لا تأتي وصفا إلا لنكرة ، فان الواقعة أيضا ليست معرفة حيث اللام فيها ليست تعريفا ، وإنما هي موصول ، كما يقال : الذي يقع ، ترى الجملة هذه معرفة أم نكرة؟!