ترى لأن الثاني خبر الأول؟ ومن شأن الخبر التنكر : «سابقون» وأن يفيد ، وما هي افادة حمل الشيء على نفسه ، حملا ذاتيا أوليا لا يعنى إلا في المنطقيات دون المعرفيات! أو انه وصف له؟ فكذلك الأمر! فالوصف يزيد الموصوف معنا ، لا أن يكرره دون معنى ولا جدوى! أو أنهما وصفان للزوج الثالث من (أَزْواجاً ثَلاثَةً) فالأول يعني السبق في الاولى ، والثاني سبق الاخرى نتيجة الاولى جزاء الحسنى بالحسنى؟ فهذا ما يقتضيه أدب اللفظ والمعنى ، فالسابقون بالخيرات : (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) (٣٥ : ٣٢) إيمانا وعملا صالحا في الاولى ، هم السابقون بالخيرات جزاء فضلا في الاخرى : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٢٣ : ٦١) فهم في صراع الحق والباطل سراع الى الحق وسبّاق اليه دون مماطلة ومماهلة ، ولا تلعثم وتوان ف (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) إلى الله زلفى ، أئمة الهدى ، بدو امة التقى ، فلهم العقبى الحسنى كما أحسنوا في الاولى.
فالسابقون سبقوا أصحاب الميمنة في كافة ميادين سباق التقوى حالا ومقالا وإيمانا ، من حمل الرسالات الإلهية أصالة بالوحي ، أو خلافة عن أصحاب الوحي ، ومن سنّ السنن الحسنة التي ظلت سبلا للخيرات لأهل الخيرات ، ومن أي سباق في أية صبغة إلهية (١) فأصبحوا هم المقربين لهم الأرواح العليا (٢) ،
__________________
(١) كالسباق الى اجابة دعوات المرسلين ، كما في الدر المنثور ٦ : ١٥٤ أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في آية «السَّابِقُونَ» قال : يوشع بن نون سبق الى موسى ، ومؤمن آل ياسين سبق الى عيسى ، وعلي بن أبي طالب سبق الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيه عنه انها نزلت فيهم وكل رجل منهم سابق أمته وعلي أفضلهم سبقا.
(٢) في أمالي الشيخ المفيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام في آية السابقين : «فأما ما ذكره من أمر السابقين فإنهم أنبياء مرسلون وغير مرسلين جعل فيهم خمسة أرواح : روح القدس وروح الايمان وروح القوة وروح الشهوة وروح البدن ، فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين وغير