ثم ترى أهم من ولد المقربين ، ولكي لا يكونوا مهانين بما يخدمون؟ علهم هم : (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (٥٢ : ٢٤) إذ توحي اللام باختصاصهم بهم ، أم انهم اختصوا بالمقربين دونما قرابة بينهم ، وليس في تطوافهم عليهم تطفيف عن شأنهم وإنما ترفيع ولا تخفيف ، ولا سيما من كان منهم من ولد المشركين وكما يروى.
ثم ويكون طوافهم (بِأَكْوابٍ) : أقداح ، (أَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) (٧٦ : ١٥).
(وَأَبارِيقَ) : آنية لها خراطيم وعرى ، كلّ لما يناسبه من شراب (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : خمر هي مأخوذة من عين جارية متلمعة : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ. بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٣٧ : ٤٧) (١).
(لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) : صداع الرأس «ولا ينخرفون» : فراغ العقل.
(وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ. وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ. وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
فاكهة حسب التخير : انتخابا لأحسنها تفكها ، ولحم طير من أي نوع يشتهون ، وبأية طبخة يريدون ، أو انطباخة دون طبخ ، فالفاكهة تختار لأنها عند الشبع ، واللحم يشتهى ، فانه عند الجوع ، فليس تعبير الاختيار والاشتهاء ، اشتهاء فوضى في التعبير ، وإنما اختيار ببلاغة العليم الخبير.
(وَحُورٌ عِينٌ) : جمع عيناء : واسعة العيون الجميلة ، تحير الناظر إليها. (كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) المصون عن كل لمسة ونظرة ، أو أية عارضة ، لم تثقبه يد ، ولم تخدشه عين ، كذلك الحور العين إذ (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) ويزيدهن لطفا انهن طائفات حول أزواجهن (٢).
__________________
(١) راجع ص ٢٢٧ ج ٣٠ من التفسير : خمر الدنيا والآخرة.
(٢) لأن «وَحُورٌ عِينٌ» عطف على «وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ» يطوف عليهم ولدان مخلدون وحور عين.