المتكلف من أن فى الفلك طبيعة تضاد مثل التقبيب والتقعير فقد أجيب (١) عنه. ومع ذلك ، فلا كثير (٢) (٣) منع منا لأن تكون لعوارض الفلك ولواحقه أضداد لا تستحيل (٤) إليها ، (٥) ما دامت طبيعته موجودة كالحلاوة للعسل. فإن الحلاوة وإن كان لها ضد ، فإن العسل غير قابل له فى ظاهر الأمر ، وإنما كلامنا فى صورته ، (٦) وأنه لا ضد لها ، وأنها لا تتغير ولا (٧) تتغير الأمور اللاحقة لها ، وإن كان لها أضداد ، كما أنه لو كان طبيعة العسل بحيث لا تفسد (٨) صورته لبقيت الحلاوة فيه دائمة لا تستحيل. (٩)
والذي قيل إنكم (١٠) إنما تستدلون (١١) على أن طبيعة السماء لا ضد لها لأجل حركتها ، ثم تقولون (١٢) إن طبيعتها نفس ، وإن حركتها صادرة عن الاختيار ، وتارة تقولون (١٣) إن تحركها أمر مباين (١٤) للمادة أصلا غير متناهى القوة ، فإن (١٥) كان (١٦) محركها نفسا أو أمرا مباينا فليس (١٧) محركها طبيعيا. فما تنكرون (١٨) أن يكون لطبيعتها ضد فإنه لا سبيل إلى إبانة (١٩) ذلك من حركة تصدر (٢٠) عن نفس أو مباين آخر ، لا عن طبيعة.
فالجواب عن ذلك أن جوهر السماء صورته وطبيعته هى هذه النفس اللازم (٢١) لها هذا الاختيار بالطبع. فإنك ستعلم فى العلوم الكلية أن كل اختيار فما لم يلزم لم يكن اختيارا صادقا. لكن ربما لزم (٢٢) عن (٢٣) أسباب خارجة تبطل وتكون. وربما كان مبدأه بعقل ذاتى طبيعى. (٢٤)
وقد (٢٥) علم أن النفس لا ضد لها ، وأنها إذا كانت صورة مادة ، ولم يكن لها ضد يبطلى بالنفس ، ولم يصح أن تتعرى (٢٦) المادة عن صورة (٢٧) أصلا ـ استحال أن تكون هذه الصورة من شأن المادة أن تفارقها. (٢٨)
__________________
(١) د : أجبت (٢) م : فلا كسر
(٣) سا : فلا كثر (٤) م ، ط : يستحيل
(٥) م : ـ إليها (٦) د : صورة
(٧) د : فلا (٨) م ، ط ، د : يفسد
(٩) ط ، م ، د : يستحيل
(١٠) ط : ـ إنكم (١١) د : يستدلون
(١٢) م : يقولون ، وفى سا : يقول
(١٣) م : يقولون (الثانية)
(١٤) سا : تباين (١٥) د : بأن
(١٦) م ، سا : ـ كان (١٧) د : وليس
(١٨) م ، سا : ينكرون (١٩) ط : إبانته
(٢٠) ط : يصدر (٢١) د : اللازمة
(٢٢) ط : لزمه (٢٣) سا ، د : من
(٢٤) ط : لتقل ذاتى طبيعى (٢٥) ط : قد
(٢٦) م : يتعرى (٢٧) ب ، د ، ط : الصورة
(٢٨) م : يفارقها